تأويل رؤية الأبنية بكافة انواعها
حلم السجن
السجن: يدل على ما يدل عليه الحمام، وربما دل على المرض المانع من التصرف والنهوض، وربما دلت على العقلة عن السفر، وربما دل على القبر، وربما دل على جهنم، لأنّها سجن العصاة والكفرة، ولأن السجن دار العقوبة ومكان أهل الجرم والظلم. فمن رأى نفسه في سجن، فانظر في حاله وحال السجن، فإن كان مريضاً والسجن مجهولاً فذلك قبره يحبس فيه إلى القيامة، وإن كان السجن معروفاً طال مرضه ورجيت إفاقته وقيامه إلى الدنيا التي هيِ سجن لمثله، لما في الخبر أنّها سجن المؤمن وجنة الكافر، وإن كان المريض مجرماَ، فالسجن المجهول قبره والمعروف دالة على طول إقامته في علته، ولم ترج حياته إلا أن يتوب أو يسلم في مرضه. وإن رأى ميتاً في السجن، فإن كان كافراً فذاك دليل على جهنم، وإن كان مسلماً فهو محبوس عنِ الجنة بذنوب وتبعات بقيت عليه، وأما الحي السليم يرى نفسه في سجن، فانظر أيضاَ إلى ما هو فيه، فإن كان مسافراً في بر أو سفينة أصابته عقلة وعاقة بمطر أو ريح أو عدو أو حرب، أو أمر من سلطان. وإن لم يكن مسافراً دخل مكاناً يعصي الله فيه، كالكنيسة ودار الفكر والبدع أو دار زانية أو خمار، كل إنسان على قدره. وما في يقظته مما ينكشف عند المسألة، أو يعرف عنه بالشهرة أو بزيادة منامه من كلامه وأفعاله في أحلامه. وقال بعضهم من رأى أنّه اختار لنفسه، فإنّ امرأة تراوده عن نفسه، و الله يصرف عنه كيدها ويبلغه مناه، لقوله تعالى: " رَبِّ السِّجْنُ أَحَبّ إليَّ مِمّا يَدْعُونَني إلَيْهِ " . وحكي أنّ سابور بن أردشير في حياة والده، رأى كأنّه يبني السجون، ويأخذ الخنازير والقردة من الروم، فيدخلها فيه، وكان عليه أحد وثلاثون تاجاً، فسأل المعبر عنه فقال: تملك إحدى وثلاثين سنة، وأما بناء السجون فبعددها تبني مدائن وتأخذ الروم وتأسر منهم. فكان كذلك. كأنّه بعد موت أبيه أخذ ملك الروم، وبنى مدينة نيسابور ومدينة الأهواز ومدينة ساوران.
حلم السراب
السراب: فمن رأى سراباً، فإنّه يسعى في أمر قد طمع فيه لا يحصل له منه مقصود، لقوله تعالى: " كَسَرَابِ بَقِيْعَة " .
حلم السرب
السرب: كل حفيرة في الأرض مكر، فمن رأى أنّه يحفر سرباً أو يحفر له غيره، فإنّه يمكر مكراً أو يمكر به غيره. فإن رأى أنّه دخل فيه، رجع ذلك المكر إليه دون غيره. فإن رأى أنّه دخله حتى استترت السماء عنه، فإنه تدخل بيته اللصوص ويسرقون أمتعة بيته. فإن كان مسافراً، فإنّه يقطع عليه الطريق. فإن رأى أنّه توضأ في ذلك السرب وضوء صلاة أو اغتسل، فإنّه يظفر بما سرق منه أو يعوض عاجلاً وتقر عينه، لأنّه يأخذ بتأويل الماء. وإن كان عليه دين قضاه الله تعالى. فإن رأى أنّه استخرج مما احتفره أو أحفر له ماء جارياً أو راكداً، فإنّ ذلك معيشة في مكر لمن احتفر.
حلم السقف
السقف: رجل رفيع، فإن كان من خشب، فإنّه رجل غرور. فإن رأى سقفاً يكاد أن ينزل عليه، ناله خوف من رجل رفيع. فإن نزل عليه التراب من السقف فأصاب ثيابه، فإنّه ينال بعد الخوف مالاً. فإن انكسر جذع، فهو موت صاحب الدار أو آفة تنزل به. فإن رأى أنّ عارضته انشقت طولاً بنصفين فلم يسقط، فهو جمع ما ينسب إلى ذلك البيت، والطرز وغيره، مضاعف الواحد اثنان، والخشب والجذوع في البناء، رجل منافق متحمل لأمور الناس. وكسره موت رجل بهذه الصفة.
حلم السور و الحصن
السور: فسور المدينة دال على سلطانها وواليها، وأما المجهول منه فيدل على الإسلام والعلم والقرآن وعلى المال والأمان وعلى الورع والدعاء، وعلى كل ما يتحصن به من سائر الأعداء وجميع الأسوار من علم أو زوجة أو زوج أو درع أو سيد أو والد أو نحوهم. فمن رأى سور المدينة مهدوماً مات واليها أو عزل عن عمله، وإن رآه ماشياً كما يمشي الحيوان فإنّه يسافر في سلطان إلى الناحية التي مشى عليها في المنام، فإن كان فوقه سافر معه. وأما من بنى سوراً على نفسه أو داره أو على مدينته فانظر في حاله، فإن كان سلطاناً حفظ من عدوه ودفع الأسواء عن رعيته، وإن كان عالماً صنف في علمه ما فيه عصمة لغيره، وإن كان عبداً ناسكاً حفظ الناس بدعائه ونجا هو من الفتنة به، وإن كان فقيراً أفاد ما يستغني به أو يتزوج زوجة إن كان عزباً تحصنه وتدفع فتن الشيطان عنه. وإن رأى سوراً مجهولاً وقد تثلم منه ثلم حتى دخل إلى المدينة لصوص أو أسد فإن أمر الإسلام يضعف أو العلم في ذلك المكان، أو ثلم من أركان الدين ركن. فإن كان ذلك فيما رآه كأنّه فيما يخصه وكأنّه كان فيه وحده، دخل ذلك عليه في دينه أو علمه أو في ماله أو في درعه إن كان في الجهاد، أو في عقوق والد أو والدة أو زوج أو سيد فيصل إليه من ذلك الآثام. القلعة: القلاع من هم إلى فرج، والقلعة ملك من الملوك يبلغ الملوك من خير إلى شر، فمن رأى كأنّه دخل قلعة رزق رزقاً ونسكاً في دينه، ومن رأى قلعة من بعيد فإنه يسافر من موضع إلى موضع ويرتفع أمره. ومن رأى أنّه بنى حصناً: أحصن فرجه من الحرام وماله ونفسه من البلاء والذل. فإن رأى أنّه خرب حصنه أو داره أو قصره فهو فساد دينه ودنياه أو موت امرأته. ومن رأى أنّه في قلعة أو مدينة أو حصن فإنّه يرِزق صلاحاً وذكرِاً ونسكاً في دينه، فإن رأى قاعد على شرف حسن فإنه يستعد أخاً أو رئيساً أو والداً ينجو به. وقيل: الحصن رجل حصين لا يقدر عليه أحد. فمن رآه من بعيد فإنّه علو ذكره تحصين فرجه، ومن رأى أنّه تعلق بحصن من داخله أو خارجه فكذلك يكون حاله في دينه. وقيل من رأى أنّه تحصن في قلعة نصر. وأما البرج: فمن رأى أنّه على برج أو فيه فإنّه يموت ولا خير فيه، لقوله تعالى: " أيْنَمَا تَكُونوا يُدْرِكُكُمْ المَوْتُ وَلوْ كُنْتمْ في بُرُوج مُشيّدَةِ "
حلم السوق
السوق: تدل على المسجد، كما يدل المسجد على السوق، لأنّ كليهما يتجر فيه ويربح. وقد يدل على ميدان الحرب الذي يربح فيه قوم ويخسر فيه قوم، وقد سمى الله تعالى الجهاد تجارة فِي قوله: " هَلْ أدلّكُمْ عَلىَ تِجَارَةٍ تُنْجيكُم " فأهل الأسواق يجاهدون بعضهم بعضاً بأنفسهم وأموالهم. وربما دلت على مكان فيه ثواب أجر وربح، كدار العلم والرباط وموسم الحج. ومما يباع في السوق يستدل على ما يدل عليه. وكل ذلك ما كانت السوق مجهولة، فسوق اللحم أشبه شيء بمكان الحرب ما يسفك فيه من الدماء، وما فيه من الحديد. وسوق الجوهر والبز أشبه شيء بحلق الذكر، ودور العلم. وسوق الصرف، أشبه شيء بدار الحاكم لما فيها من تصاريف الكلام والوزن والميزان. فمن رأى نفسه في سوق مجهولة قد فاتته فيها صفقة أو ربح في سلعة، فإن كان في اليقظة في جهاد، فاتته الشهادة وولى مدبراً، وإن كان في حج، فاته أو فسد عليه، وإن كان طالباً للعلم، تعطل عنه أو فاته فيه موعداً وطلبه لغير الله، وإن لم يكن في شيء من ذلك، فاتته الصلاة الجماعة في المسجد. وأما من يسرق في سوقه في بيعه وشرائه، فإن كان مجاهداً غل، وإن كان حاجاً محرماً اصطاد أو جامع أو تمتع، وإن كان عالماً ظلم في مناظرته أو خان في فتاويه، وإلا رأى بصلاته، أو سبق إمامه فيها بركوعه أو سجوده، أو لم يتم هو ذلك في صلاة نفسه، لأنّ ذلك أسوأ السرقة، كما في الخبر. وأما السوق المعروفة: فمن رآها عامرة بالناس، أو رأى حريقاً وقِع فيها، أو ساقية صافية تجري في وسطها، أو كان التبن محشواً في حوانيتها، أو ريحا طيبة تهب من خلالها، درت معيشة أهلها، وأتتهم أرباح، وجاءهم نفاق. وإن رأى أهل السوق في نعاس، أو الحوانيت مغلقة، أو كان العنكبوت قد نسج عليها أو على ما يباع، كان فيها كساد، أو نزلت بأهلها عطلة. وإن رأى سوقاً انتقلت، انتقلت حالة المنتقل إلى جوهر ما انتقلت إليه، كسوق البز، ترى القصابين فيه، فإنّه يكثر أرباح البزازين، في افتراق المتاع وخروجه. وإن رأى فيه أصحاب الفخار والقلال قلت أرباحهم وضعفت أكسابهم. وإن رأى فيه أصحاب هرائس ومقالي، نزلت فيه محنة إما عن حريق أو نهر أو هدم أو نحوه. وقال بعضهم: السوق الدنيا، واتساع السوق اتساع الدنيا. وقيل السوق تدل على اضطراب وشغب بسبب من يجتمع إليها منِ العامة.َ فأما من تعيش من السوق، فإنّه دليل خير إذا رأى فيها خلقاً كبيراً أو شغلاً فأما إذا كانت السوق هادئة، دلت على بطالة السوقيين.
حلم الصخور
الصخور الميتة: المقطوعة الملقاة على الأرض، ربما دلت على الموتى لانقطاعها من الجبال الحية المسبحة، وتدل على أهل القساوة والغفلة والجهالة، وقد شبه الله تعالى بها قلوب الكفار، والحكماء تشبه الجاهل بالحجر، وربما أخذت الشدة من طبعها، والحجر والمنع من اسمها، فمن رأى كأنه ملك حجراً أو اشترى له أو قام عليه، ظفر برجل على نعته، أو تزوج امرأة على شبهه على قدر ما عنده من الحال فيِ اليقظة. ومن تحول فصار حجراً، قسا قلبه وعصى ربه وفسد دينه، وإن كان مريضاً، ذهبت حياته وتعجلت وفاته، وإلا أصابه فالج تتعطل منه حركاته. وأما سقوط الحجر من السماء إلى الأرض على العالم أو في الجوامع، فإنه رجل قاس والٍ أو عشار، يرمي به السلطان على أهل ذلك المكان، إلا أن يكونوا يتوقعون قتالاً، فإنها وقعة تكون الدائرة فيها والشدة والمصيبة على أهل ذلْك المكان، فكيف إن تكسر الحجر وطار فلق تكسيره إلى الدور والبيوت، فإنه دلالة على افتراق الأنصبة في تلك الوقعة وتلك البلية، فكل من دخلت داره منها فلقة نزل بها منها مصيبة، وإن كان الناس في جدب يتقون دوامه ويخافون عاقبته، كان الحجر شدة تنزل بالمكان، على قدر عظم الحجر وشدته وحاله، فكيف إن كان سقوطه في الإنادر أو في رحاب الطعام. وإن كانت حجارة عظيمة قد يرمي بها الخلق من السماء، فعذاب ينزل من السماء بالمكان، لأن الله سبحانه قتل أصحاب الفيل حين رمتهم الطير بها، فإما وباء أو جراد أو برد أو ريح أو مغرم أو غارة ونهبة، وأمثال ذلك، على قدر زيادة الرؤيا وشواهد اليقظة.
حلم الصومعة
الصومعة: تدل على السلطان وعلى الرئيس العالي الذكر بالعلم والعبادة، وكذلك المنازل بمكانها ومنافعها وجوهرها ومعروفها ومجهولها، يستدل على تأويلها وحالة المنسوب إليها، فما أصابها أو نزل بها من هدم أو سقوط أو غير ذلك عاد تأويله على من دلت عليه. وما كان منها في الهواء أو الجبانة أو في البرية فدالة على قبور الأشراف ونفوس الشهداء على قدر ألوانها وجوهر بنائها، وما كان منها أسود اللون، أو مملوءاً بالخنازير فهي كنائس. والبيعة مجراها في التأويل. وأما الناوس فإذا رأى فيه الموتى دل على بيت مال حرام، وإذا رآه خالياً من الموتى فيدل على رجل سوء يأوي إليه رجال سوء.
حلم الطرق الجادة
الطرق الجادة: الطريق هو الصراط المستقيم، والصراط هو الدين والاستقامة. فمن يسلك فيه فهو على الطريق المستقيم، ومنهاج الدين وشرائع الإسلام، ومتمسك بالعروة الوثقى من الحق. فإن ضل الطريق، فهو متحير في أمر نفسه ودينه. وإن رأى أنّه يمشي مستوياً على الطريق، فإنّه على الحق. فإن كان صاحب دنيا، فإنّه يهدي إلى تجارة مربحة. وأما الطريق المضلة، فضلالة لسالكها. فإن استرشد وأصاب عاد إلى الحق. والطريق الخفي غرور وبدعة. وأما الطريق المنعرج في السلوك، فيكون في المذاهب والأعمال. قال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه: رأيت كأنّي أخذت جواد كثيرة، فاضمحلت حتى بقيت جادة واحدة، فسلكتها حتى انتهيت إلى جبل، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فوقه، إلى جنبه أبو بكر رضوان الله عليه، قلت: إنّا للّه وإنا إليه راجعوان.
حلم التراب
التراب: يدل على الناس، الأرض، وبه قوام معاش الخلق، والعرب تقول: أترب الرجل، إذا استغنى. وربما دل على الفقر والميتة والقبر، لأنّه فراش الموتى. والعرب تقول: ترب الرجل، إذا افتقر. وقال تعالى: " أوْ مِسْكيناً ذا مَتْرَبة " فمن حفر أرضاً واستخرج ترابها، فإن كان مريضاً أو عنده مريض، فإن ذلك قبره، وإن كان مسافراً، كان حفره سفرهِ، وترابه كسبه وماله وفائدته، لأنّ الضرب في الأرض سفر، لقولْه تعالى: " وآخرون يَضْرِبونَ في الأرض " . وإن كان طالباً للنكاح، كانت الأرض زوجة، والحفر افتضاضاً، والمعول الذكر، والتراب مال المرأة أو دم عذرتها. وإن كان صياداً، فحفره ختله للصيد، وترابه كسبه وما يستفيده، وإلا كان حفره مطلوباً يطلبه في سعيه ومكسبه مكراً أو حيلة. وأصل الحفر ما يحفر للسباع من الزبى لتسقط فيها، فلزم الحفر المكر من أجل ذلك. وأما من عفر يديه من التراب، أو ثوبه من الغبار، أو به تمعك في الأرض، فإن كان غنياً ذهب ماله ونالته ذلة وحاجة، وإن كان عليه دين أو عنده وديعة، رد ذلك إلى أهله وزال جميعه من يده، واحتاج من بعده، وإن كان مريضاً، نقصت يده من مكاسب الدنيا، وتعرى من ماله ولحق بالتراب. وضرب الأرض بالتراب، دال على المضاربة بالمكاسبة، وضربها بسيرِ أو عصا، يدل على سفر بخير، وقال بعضهم: المشي في التراب، التماس مال، فإن جمعه أو أكله، فإنه يجمِع مالاً ويجري على يديه مال، وإن كانت الأرض لغيره، فالمال لغيره، فإن حمل شيئاً من التراب، أصاب منفعة بقدر ما حمل، فإن كنس بيته وجمع منه تراباً، فإنّه يحتال حتى يأخذ من امرأته مالاً، فإن جمعه من حانوته، جمع مالاً من معيشته. ومن رأى أنّه يستف التراب، فهو مال يصيبه، لأنّ التراب مالك ودراهم، فإن رأى أنّه كنس تراب سقف بيته وأخرجه، فهو ذهاب مال امرأته، فإن مطرت السماء تراباً، فهو صالح ما لم يكن غالباً. ومن انهدمت داره وأصابه من ترابها وغبارها، أصاب مالاً من ميراث، فإن وضع تراباً على رأسه، أصاب مالاً من تشنيع ووهن. ومن رأى كأنّ إنساناً يحثي التراب في عينه، فإنّ الحاثي ينفق مالاً على المحثي ليلبس عليه أمر أو ينال منه مقصوده. فإن رأى كأنّ السماء أمطرت تراباً كثيراً، فهو عذاب، ومن كنس دكانه وأخرج التراب ومعه قماش، فإنّه يتحول من مكان إلى مكان.
حلم التل و الرابية
التل والرابية: إذا كانت الأرض دالة على الناس، إذ منها خلقوا. فكل نشز منها وتل ورابية وكدية وشرف، يدل على كل من ارتفع ذكره على العامة، بنسب أو علم أو مال أو سلطان. وقد تدل على الأماكن الشريفة والمراتب العالية والمراكب الحسنة فمن رأى نفسه، فوق شيء منها، فإن كان مريضاً كان ذلك نعشه، سيما إن رأى الناس تحته. وإن لم يكن مريضاً وكان طالباً للنكاح، تزوج امرأة شريفة عالية الذكر، لها من سعة الدنيا بقدر ما حوت الرابية من سعة الأرضِ، وكثرة التراب والرمل. وإن رأى أنه يخطب الناس فوق ذلك أو يؤذن، فإن كان أهلاً للملك ناله، أو القضاء أو الفتيا أو الآذان أو الخطبة أو الشهرة والسمعة، لأنها مقام أشراف العرب، ومن رأى أرضاً مستوية فيها رابية أو تل، فإنه رجل له من سعة الدنيا بقدر ما حوله من الأرض المستوية. فإن رأى حوله خضرة، فإنه دينه أو حسن معاملته، فمن رأى أنه قعد على ذلك التل أو تعلق به أو استمكن منه، فإنه يتعلق برجل عظيم كما وصفت، فإن رأى أنه جالس في ظل التل، فإنه يعيش في كنف الرجل. فإن رأى أنه سائر على التلال، فإنه ينجو، ومن رأى كأنه ينزل من مكان مرتفع، فإنه يناله هم وغم. والسير في الوهدة عسر يرجو صاحبه اليسر في عاقبته.
حلم الغرفة
الغرفة: تدل على الرفعة وعلى استبدال السرية بالحرة، لعلو الغرفة على البيت. وتدل على أمن الخائف، لقوله تعالى: " وَهُم في الغُرُفَاتِ آمِنُون " . وتدل على الجنة، لقوله تعالى: " أولئكَ يُجْزَوْنَ الغُرْفةَ بمَا صَبَروا " . وتدل أيضاً على المحراب، لأنّ العرب تسميها بذلك. فمن بنى غرفة فوق بيته ورأى زوجته تنهاه عن ذلك وتسخط فعله، أو تبكي بالعويل، أو كأنّها ملتحفة في كساء فإنّه يتزوج على امرأته أُخرى، أو يتسرى، وإن كانت زوجته عطرة جميلة متبسمة كانت الغرفة زيادة في دنياه ورفعة. وإن صعد إلى غرفة مجهولة، فإن كان خائفاً أمن، وإن كان مريضاً صار إلى الجنة، وإلا نال رفعة وسروراً وعلواً. وإن كان معه جمع يتبعه في صعوده، يرأس عليهم بسلطان أو علم، أو إمامة في محراب. وإن رأى عزباً أنّه في غرفة، تزوج امرأة حسنة رئيسة دينة. وإن رأى له غرفتين أو ثلاثة أو أكثر، فإنّه يأمن مما يخاف. وإن رأى أن البيت الأعلى سقط على البيت الأسفل ولم يضره، فإنّه يقدم له غائب. فإن كان معه غبار كان معه مال. المنظرة: رجل منظور إليه، فمن رآها من بعيد، فإنّه يظفر بأعدائه وينال ما يتمنى ويعلو أمره في سرور. فإن رآها تاجر، فإنه يصيب ربحاً ودولة ويعلو نضاره حيث كان ويكون. وبناء المنظرة يجري مجرى بناء الدور.
حلم الغلق
الغلق: من خشب هو البلط، إذا فتح يكون فيه مكر. ومن رأى أنّه يغلق باب داره بالبلط، فإنّه محكم في حفظ دنياه. فإن لم يكن له بلط، فليس له ضبط في أمر دنياه. فإن رأى أنّه يزيد إغلاق باب داره ولا ينغلق، فإنّه يمتنع من أمر يعجز عنه. وإن رأى غاز أنّه يفتح باباً يغلق، فإنّه ينقب حصناً أو يفتحه. فإن فتحه رجل، فإنّه يمكر بالمنسوب إلى ذلك النقب ويفتح عليه خير من قبل ذلك الرجل. ودخول الدرب، دخول في سوم تاجر أو ولاية وال أو صناعة ذي حرفة. فمن رأى درباً مفتوحاً فإنّه يدخل في عمل كما ذكرت.
حلم الفرن
الفرن: المعروف دال على مكان معيشة صاحبه وغلته ومكسبه، كحانوته وفدانه ومكان متجره، لما يأوي إليه من الطعام، وما يوقد فيه من النار النافعة، وما يربى فيه من زكاة الحنطة المطحونة وريعها، وطحن الدواب والأرحية وخدمتها وربما دل على نفسه، فما جرى عليه من خير أو شر أو زيادة أو نقص أو خلاء أو عمارة، عاد عليه أو على مكان كسبه وغلته. وأما الفرن المجهول، فربما دل على دار السلطان ودار الحاكم ، لما فيه من وقيد النار. والنار سلطان يضر وينفع، ولها كلام وألسنة. وأما العجين والحنطة التي تجيء إليه من كل مكان وكل دار، فهي كالجبايات والمواريث التي تجبى إلى دار السلطان وإلى دار الحاكم، ثم يردونها أرزاقاً. والدواب كالأبناء والأعوان والوكلاء، وكذلك ألواح الخبز. وربما دل على السوق، لأنّ أرزاق الخلق أيضاً تساق إليها، ويكون فيها الربح كرماده المطحون، والخسارة كنقص المخبوز، والحرام والكلام للنار التي فيه، فمن بعث بحنطة أو شعير إلىِ الفرن المجهول، فإن كان مريضاً مات ومضي بماله إلى القاضي. وإن لم يكن مريضاً وكان عليه عشر للسلطان أو كراء أو بقية من مغرم ونحو ذلك، أدى ما عليه، وإلا بعث بسلعة إلى السوق. فإن كان المطحون والمبعوث به إلى الفرن شعيراً، أتاه في سلعته قريب من رأس ماله. وإن كانت حنطة، ربح فيها ثلثاً للدينار أو ربعاً أو نصفاً على قدر زكاتها، إن كان قد كالها، أو وقع في ضميره شيء منها.
حلم القرية
القرية: المعروفة تدل على نفسها وعلى أهلها وعلى ما يجيء منها ويعرف بها، لأن المكان يدل على أهله كما قال تعالى: " واسْأل القَرْيةَ " يعني أهلها. وربما دلت القرية على دار الظلم والبدع والفساد والخروج عن الجماعة، والشذوذ عن جماعة رأي أهل المدينة، ولذا وسم الله تعالى دور الظالمين في كتابه بالقرى. وقد تدل على بيت النمل، ويدل بيت النمل على القرية، لأن العرب تسميها قرية. فمن هدم قرية أو أفسدها، أو رآها خربت وذهب من فيها، أو ذهب سيل بها أو احترقت بالنار، فإن كانت معروفة، جار عليها سلطان، وقد يدل ذلك على الجراد والبرذ والجوانح والرباء. وردم كوة النمل في سقف البيت، وكذلك في المقلوب من صنع ذلك بكوة النمل أو الحيات، عدا أهل القرية بالظلم والعدوان، وعلى كنيسة أو دار مشهورة بالفسوق، ومن رأى أنه دخل قرية حصينة، فإنه يقتل أو يقاتل لقوله تعالى: " لا يُقاتِلوكُمْ جميعاً إلا في قُرَىً مُحَصنة " . وقيل من رأى أنه يجتاز من بلد إلى قرية، فإنه يختار أمراً وضيعاً على أمر رفيع، أو قد عمل عملاً محموداً يظن أنه في محمود، أو قد عمل خيراً يظن أنه شر، فيرجع عنه، وليس بجازم، فإن رأى أنه دخل قرية، فإنه يلي سلطاناً، فإن خرج من قرية، فإنه ينجو من شدة ويستريح، لقوله تعالى: " أخْرِجْنا مِنْ هَذِهِ القَرْيةِ الظّالم أهْلُها " . فإن رأى كأن قرية عامرة خربت والمزارع تعطلت، فإنه ضلالة أو مصيبة لأربابها. وإن رآها عامرة، فهو صلاح دين أربابها.
حلم القصر
القصر: للفاسق سجن وضيق ونقص مال، وللمستور جاه ورفعة أمر وقضاء دين. وإذا رآه من بعيد فهو ملك. والقصر رجل صاحب ديانة وورع. فمن رأى أنّه دخل قصراً فإنّه يصير إلى سلطان كبير ويحسن دينه، ويصير إلى خير كثير، لقوله تعالى: " تَبَارَكَ الذيِ إنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذَلِكَ جَنّاتٍ تَجّري منْ تحْتِهَا الأنْهَارُ ويَجْعَل لكَ قُصوراً " . ومن رأى كأنّه قائم على قصر وكان القصر له، فإنّه يصيب رفعة عظيمة وجلالة وقدرة. إن كان القصر لغيره، فإنّه يصيب من صاحبه منفعة وخيراً.
حلم القناطر
القناطر: القنطرة المجهولة تدل على الدنيا سيما إن كانت بين المدينة والجبانة، لأنّ الدنيا تعبر ولا تعمر. وربما دلت على السفن لأنّها كالمسافة والسبيل المسلوك المتوسط بين المكانين، وربما دلت على السلطان والحاكم والمفتي وكل من يتوصل الناس به إلى أمورهم ويجعلون ظفره جسراً في نوازلهم، وربما دلت على الصراط لأنّه عقبة في المحشر بينه وبين الجنة. فمن جاز في المنام على قنطرة عبر الدنيا إلى الآخرة، سيما إن لقي من بعد عبوره موتى، أو دخل داراً مجهولة البناء والأهل والموضع، أو طار به طائر، أو ابتلعته دابة، أو سقط في بئر أو حفير، أو صعد إلى السماء، كل ذلك إذا كان مريضاً في اليقظة. وإن لم يكن مريضاً نظرت، فإن كان مسافراً بشرته بتقضي سفره، واستدللت كلى ما تقدم عليه بالذي أفضى عليه عند نزول القنطرة من دلائل الخير والغنى، أو الشر والفقر. فإن نزل إلى خصب أو تين أو شعير أو تمر أو امرأة أو عجوز وصل إلى فائدة ومال وإن نزل إلى أرض ومسجد نال مراده في سفره إما حج أو غزو أو رباط. وإن تلقته أسد أو حمأة أو جدب أو تبن أو عنب أسود أو سودان أو ماء قاطع أو سيل دافق فلا خير في جميع ما يلقاه في سفره أو حين وصوله إلى أهله، فإن كانت له خصومة أو عند رئيس حاجة نال منها ورأى منه فيها ما يدل على جميع ما نزل إليه من خير أو شر. وأما من صار جسراً أو قنطرة فإنّه ينال سلطاناً ويحتاج إليه وإلى جاهه وإلى ما عنده. الأعمدة: العمود يدل على كل من يعتمد عليه وما هو عمدة وعماد ودعامة كالإسلام والقرآن والسنن والفقه والدين والسلطان والفقيه والحاكم والوالد والسيد والزوج والوصي والشاهد والزوجة والحال. وبمكان العموِد وزيادة المنام وصفات النائم يستدل على تأويل الأمر وحقيقة الرؤيا، فمن رأى عموداً قد مال عن مكانه وكاد أن يسقط من تحت بنائه، فإن كان في الجامع الأعظم فإنّ رجلاً من رجال السلطان ينافق عليه أو يهم بالخروج عن طاعته أو عن مذهبه، أو رجلاً من العلماء أو الصلحاء يحور عن علمه ويميل عن استوائه لفتنة دخلت عليه أو بلية نزلت به، وإن كان في مسجد من مساجد القبائل فإنّه إمامه أو مؤذنه أو من يعمره ويخدمه. وإن كان العمود في داره ومسكنه، فإن كان صاحب الرؤيا عبداً فالعمود سيده يتغير عليه ويبدو إليه منه ما يكره، ويخافه إذا كان قد خاف منه في المنام من سقوطه عليه، وإن كان امرأة فالعمود زوجها، وإن كان رجلاً فالعمود والده وسقوط العمود مرض المنسوب إليه أو هلك إن كان مريضاً، وكذلك إن ارتفع إلى السماء فغاب فيها، أو سقط في بئر أو حفير فلم ير. وإن كان العمود من أعمدة الكنائس فالمنسوب فيما جرى عليه كافر أو مبتدع، كالرهبان والشمامسة ورؤوس البدع.
حلم الكعبة
الكعبة: ربما دلت على الصلاة لأنّها قبلة المصلين، وتدل على المسجد والجامع لأنّها بيت الله، وتدل على من يقتدي به ويهتدي بهديه ورجع إلى أمره ولا يخالف إلى غيره، كالإسلام والقرآن والسنن والمصحف والسلطان والحاكم والعالم والوالد والسيد والزوج والوالدة والزوجة، وقد تدل على الجنة، لأنّها بيت الله. والجنة داره بها ويوصل إليها. وقد تدل على ما تدل عليه الجوامع والمساجد من المواسم والجماعات والأسواق والرحاب. فمن رأى الكعبة صارت داره سعى إليه الناس وازدحما على بابه لسلطان يناله أو علم يعلمه أو امرأة شريفة عالية سلطانية أو ناسكة تتزوجين. وإن كان عبداً فإنّ سيده يعتقه لأنّ الله تعالى أعتق بيته من أيدي الجبابرة. وأما إن كان حولها أو يعمل عملاً من مناسكها فهو يخدم سلطاناً أو عالماً أو عابداً أو والده أو والدته أو زوجة أو سيداً بنصح وبر وكد وتعب. وإن رأى كأنّه دخلها تزوج إن كان عزباً، وأسلم إن كان كافراً، وعاد إلى الصلاة والصلاح إن كان غافلاً، وإلى طاعة والديه إن كان عاقاً. وإلا دخل دار سلطان أو حاكم أو فقيه لأمر من الأمور الذي يستدل عليه بزيادة منامه وأحواله في يقظته، إلا أن يكون خائفاً في اليقظة، فإنّه يأمن ممن يريده. وإن كان مريضاً فذلك موته وفوزه، سيما إن كان في المنام قد حمل إليها في محمل صامتاً غير متكلم أو ملبياً متجرداً من الثياب، فإنّه يخرج من الدنيا ويستجيب لداعي الله تعالى ويفضي إن شاء الله إلى الجنة. وأما إن رآها في بلاد أو محلة فإن كانت الرؤيا خاصة لرائيها ولم ير جماعة من الناس معه عند رؤيتها، فانظر إلى حالته، فإن كان منتظراً الزوجة قد عقد نكاحها وطال عليه انتظارها فقد دنا أمرها وقرب إليه مجيئها سيما إن رآها في محلتها أو في محلته، وإن دخلها وهي عنده أهديت إليه، وإن دخلها دخل عليها في دارها عاجلاً سرِيعاً، لقرب الكعبة منه من بعد بعدها ومشقة مسافتها، وإن رآها في ذلك من كان غافلاً في دينه أو تاركاً للصلاة فإنّها له نذير وتحذير من تركه لما عليه أن يعمله من التوجيه إليها في مكانه، وكذلك إن كان ممن يلزمه الحج وقد غفل عنه فقد ذاكرته في نفسها واقتضته في المجيء إليها، وإن لم يكن شيء من ذلك وكانت الرؤيا لعامة الناس اجتماعهم حولها في المنام وضجيجهم عندها في الأحلام، فإما سلطان عادل يلي يقدم عليهم، أو حاكم أو رجل عالم أو إمام مذكور، يقدم من حج الناس أو سفر بعيد، أو يخرج من داره من بعد تزاويه لحادث يحدث له أو فرض يلزمه أو ميت يموت له، فيتبعه الناس ويطوفون حوله بالدعاء له والتبرك به ونحو ذلك.
حلم الكنيسة
الكنيسة: دالة على المقبرة وعلى دار الزانية وعلى حانوت الخمر ودار الكفر والبدع، وعلى دار المعازف والزمر والغناء، وعلى دار النوح والسواد والعويل، وعلىِ جهنم دار من عصى ربه، وعلى السجن، فمن رأى نفسه في كنيسة فإن كان فيها ذاكراً لّه تعالى أو باكياً أو مصلياً إلى الكعبة، فإنّه يدخل جبانة لزيارة الموتى أو لصلاة على جنازة. وإن كان بكاؤه بالعويل أو كان حاملاً فيها ما يدل على الهموم، فإنه يسجن في السجن. وإن رأى فيها ميتاً فهو في النار محبوس مع أهل العصيان. وإن دخلها حياً مؤذنَاً أو تالياً للقران، فإن كان في جهاد غلب هو ومن معه على بلد العدو، وإن كان في حاضرة دخل على قومه في عصيان أو بدع وإلحاد فوعظهم وذكرهم وحجهم وقام بحجة الله فيهم. وإن كان من يرى معهم ويصلي بصلاتهم ويعمل مثل أعمالهم، فإن كان رجلاً خالط قوماً على كفر أو بدعة أو زناً أو خمر أو على معصية كبيرة، كالغناء والزمر وضرب البربط والطبل سيما إن كان قد سجد معهم للصليب لأنّه من خشب. وإن كان امرأة حضرت في عرس فيه معازف وطبول فخالطتهم، أو في جنازة فيها شق وسواد ونوح وعويل فشاركتهم.
حلم المدينة
المدينة: تدل على أهلها وساكنيها، وتدل على الاجتماع والسواد الأعظم والأمان والتحصين، لأن موسى حين دخل إلى مدين قال له شعيب: لا تخف نجوت، وربما دلت القرية على الدنيا، والمدينة على الآخرة، لأن نعيمها أجل، وأهلها أنعم، ومساكنها أكبر. وربما دلت المدينة على الدنيا، والقرية على الجبالة، وذلك إنها بارزة منعزلة عنها مع غفلة أهلها. ربما دلت المدينة المعروفة على دار الدنيا، والمجهولة على الآخرة. وربما دلت المدينة المجهولة الجميلة على الجنة، والقرية السوداء المكروهة على النار، لنعيم أهل المدن، وشقاء أهل المرى. فمنِ انتقل في منامه من قرية مجهولة إلى مدينة كذلك، فانظر في حاله، فإن كان كافراً أسلم، وإن كان مذنباً تاب، وإن كان صالحاً فقيراً حقيراً، فإنه يستغنى ويعز، وإن كان مع صلاحه خائفاً أمن، وإن كان صاحب سرية تزوج، وإن كان مع صلاحه عليلاً مات، وإن كان ذلك لميت تنقلت حاله وابتدلت داره، فإنما هناك داران إحداهما أحسن من الأخرى، فمن انتقل من الدار القبيحة إلى الحسنة الجميلة نجا من النار، ودخل الجنة إن شاء اللهّ. وأما من خرج من مدينة إلى قرية مجهولتين، فعلى عكس الأول، وإن كانتا معروفتين اعتبرت أسماؤهما وجواهرهما، فتحكم للمنتقل بمعاني ذلك، كالخارج من باغاية إلى مدينة مصر، فإنه يخلص من بغي ويبلغ سؤله ويأمن خوفه، لقوله تعالى: " ادْخُلوا مِصْرَ إنْ شاءَ الله آمِنين " . فإن كان خروجه من سر من رأى إلى خراسان، انتقل في سرور إلى سوء قد آن وقته. وكذلك الخارج من المهدية والداخل إلى سوسة، خارج عن هدى وحق إلى سوء وفساد، على نحو هذا ومأخذه في سائر القرى والمدن المعروفة. وأما أبواب المدينة المعروفة، فولاتها أو حكامها ومن يحرسها ويحفظها. وأما دورها فأهلها من الرؤساء وكبراء محلتها، وكل درب دال على من يجاوره، ومن يحتاج إليه أهل تلك المحلة في مهماتهم وأمورهم، ويردّ عنهم حوادثهم بجاهه وسلطانه، أو بعلمه وماله. وقال بعضهم: المدينة رجل عالم، إذا رأيتها من بعيد، وقيلِ: المدينة دين، والخروج من المدينة خوف، لقوله تعالى: " فَخَرَجَ مِنْهَا خائِفاً يَتَرَقّب " ودخول المدينة صلح فيما بينه وبين الناس، يدعونه إلى حق، قال الله تعالى: " ادخُلوا في السِّلم كافّةً " ، وهو المدينة، فإن رأى أن مدينة عتيقة، قد خربت قديماً فإنه يظهر أو يولد هناك عالم أو إمام، يحدث هناك ورعاً ونسكاً. ومن رأى أنه دخل بلداً فرأى مدينة خربة لا حيطان لها ولا بنيان ولا آثار، فإنه إن كان في ذلك اليوم علماء ماتوا وذهبوا ودرسوا، ولم يبق منهم ولا من ذريتهم أحد، فإن رأى أنه يعمر، فإنه يولد من نسل العلماء الباقين ولد يظهر فيه سيرة أولئك العلماء، ومن رأى مدينة أو بلداً خاليين من السلطان، فإن سعر الطعام يغلو هناك، فإن رأى مدينة أو بلداً مخصبة حسنة الزرع، فذلك خير حال أهلها، وقال بعضهم: إذا كانت المدن هادئة ساكنة، فإنها في الخصب في ليل على الجدب، وفي الجدب دليل الخصب. والأفضل أن يرى الإِنسان المدن العامرة الكثيرة الخصب، فإنها تدل على رفعة وخصب، وإن رأى الجدبة القليلة الأهل، دلت على قلة الخير وبلدة الإنسان تدل على الآباء، مثال ذلك: أن رجلاً رأى كأن مدينته وقعت من الزلازل، فحكم على والده بالقتل. وحكي أن وكيعاً كان مع قتيبة لما سار من الري إلى خراسان، فرأى وكيع في منامه كأنه هدم شريف مدينته ونسفها، فسأل المعبر فقال: أشراف يسقطون من جاههم على يدك ويوسمون، فكان كذلك.
حلم المزبلة
المزبلة: هي الدنيا، وبها شبهها رسول الله صلى الله عليه وسلم حين وقف عليها. والزبل الماء لأنّه من تراب الأرض، وفضول ما يتصرف الخلق فيه ويتعيشون به، من عظام وخزف ونوى وتبن ونحو ذلك، مما هو في التأويل، أموال. فمن رأى نفسه على مزبلة غير مسلوكة، فانظر إلى حاله وإلى ما يليق به في أعماله، فإن كان مريضاً أو خائفاً من الهلاك بسبب من الأسباب، بشَرته بالنجاة، أو بالقيام إلى الدنيا المشبهة بالمزبلة. وإن رأى ذلك فقير استغنى بعد فقره، وكسب أموالاً بعد حاجته وإن كان له من يرجو ميراثه ورثه، لأنّ الزبل من جمع غيره ومن غير كسبه. والمزبلة مثل مال مجموع من ههنا ومن ههنا بلا ورع ولا نحر، لكثرة ما فيها من التخليط والأوساخ والقاذورات. وإن كان أعزب تزوج. وكان الأزبال شوارها وقشها المقشش من كل ناحية، والمشترى من كل مكان، والمستعار من كل دار. فإن لم تكن ذلك، فالمزبلة دكانه وحانوته، ولا يعدم أن يكون صرافاً أو خماراً أو سفاطاً أو من يعامل الخدم والمهنة كالفران. وإن كان يليق به القضاء والملك والجباية والقبض من الناس ولي ذلك، وكانت الأموال تجيء إليه، والفوائد تهدى إليه، والمغارم والمواريث، لأنّ الزبل لا يؤتى به إلى المزبلة، إلا من بعد الكنس. والكنس دال على الغرم وعلى الهلاك والموت. وربما كانت المزبلة للملك بيت ماله، وللقاضي دار أمينة وصاحب ودائعه. وأما من يقرأ فوق مزبلة، فإن كان والياً عزل، وإن كان مريضاً مات، وإن كان فقيراً تزهد وافتقر.
حلم المساجد
المساجد: المسجد يدل على الآخرة لأنّها تطلب فيه، كما تدل المزبلة على الدنيا، وتدل على الكعبة لأنّها بيت الله، وتدل على الأماكن الجامعة للريح والمنفعة والثواب والمعاونة كدار الحاكم وحلقة الذكر والموسم والرباط وميدان الحرب والسوق لأنّه سوق الآخرة. ثم يدل كل مسجد على نحوه في كبره واشتهاره وجوهره. فمن بنى مسجداً في المنام فإن كان أهلاً للقضاء ناله، وكذلك إن كان موضعاً للفتوى وقد يدل في العالم على مصنف نافع تصنيفه، وفي الوراق على مصحف يكتبه، وفي الأعزب على نكاح وتزويج، ولطلاب المال والدنيا على بناء يبنيه تجري عليه غلته وتدوم عليه فائدته، كالحمام والفندق والحانوت والفرن والسفينة وأمثاله ذلك، لما في المسجد من الثواب الجاري مع كثرة الأرباح فيه في صلاة الجماعة، ومجيء الناس إليه من كل ناحية، ودخولها فيه بغير إذن. ومن كان في يقظته مؤثراً للدنيا وأموالها، أو كان مؤثراً لآخرته على عاجلته، عادت الأمثال الرابحة إلى الأرباح والفوائد في الدنيا له، أو إلى الآخرة والثواب في الآجلة التي هي مطلبه في يقظته. وأما من هدم مسجداً فإنّه يجري في ضد من بناه، وقد يستدل على ابتذال حالته بالذي يبنيه في مكانه أو يحدثه في موضعه من بعد هدمه، فإن بنى حانوتاً آثرِ الدنيا على الآخرة، وإن بنى حماماً فسد دينه بسبب امرأة، وإن حفر في مكانه حفيراً أثم من مكر مكره، أو من أجل جماعة فرقها عن العلم والخير والعمل، أو من أجل حاكم عزله، أو رجل صالح قتله، أو مكان فيه من عطلة أو نكاح معقود أفسده وأبطله. وإن رأى نفسه مجرداً من الثياب في مسجد تجرد فيما يليق به من دلائل المسجد، فإن كان ذلك في أيام الحج فإنّه يحج إن شاء الله، سيما إن كان يؤذن فيه، وإن كان مذنباً خرج مما هو فيه إلى التوبة والطاعة، وإن كان يصلي فيه على غير حالة إلى غير القبلة بادي السوأة فإنّه يتجرد إلى طلب الدنيا في سوق من الأسواق وموسم من المواسم فيحرم فيه ما أمله ويخسر فيه كل ما قد اشتراه وباعه، لفساد صلاته وخسارة تعبه. وقد يدل ذلك على فساد ما يدخل عليه في غفلته من الحرام والربا إن لاق ذلك به.. وأما المسجد الحرام فيدل على الحج لمن تجرد فيه أو أذن، وإن لم يكن ذلك في أيام الحج بجوهره في ذلك ودليله، لأنّ الكعبة التي إليها الحج فيه. وقد تدل على دار السلطان المحرمة ممن أرادها التي يأمن من دخلها، وعلى دار العالم وعلى جامع المدينة وعلى السوق العظيم الشأن الكبير الحرام، كسوق الصرف والصاغة لكثرة ما يجب فيها من التحري وما يدخل على أهلها من الحرام والنقص والإثم، وكذلك كل الحرام بما الإنسان فيه مطلوب بالمحفظ من إتيان المحرمات ومن التعدي على الحيوانات ومن إماطة الأذى.
حلم المعلف
المعلف: عز، لأنّه لا يكون إلا لمن له الظهور والدواب، وقيل أنّه امرأة الرجل. ومن رأى كأنّ في بيته معلفاً يعتلف عليه دابتان، فإنّه يدل على تخليط في امرأة مع رجلين، إما امرأته أو غيرها من أهل الدار. وأما الجحر: في الأرض أو الحائط، فإنّه الفم. فمن رأى جحراً خرج منه حيوان، فإنّه فم يخرج منه كلام بمنزلة ذلك الحيوان وتأويله. وحكي أنّ رجلاً أتى ابن سيرين فقال: رأيت جحراً ضيقاً خرج منه ثور عظيم، فقال: الجحر هو الفم تخرج منه الكلمة العظيمة ولا يستطيع العود إليه. وحكي أنّ رجلاً أتى ابن سيرين فقال: رأيت كأنّ يزيد بن المهلب عقد طاقاً بين داري ودراه. فقالت ألك أم؟ قال نعم. قال: هل كانت أمة؟ قال لا أدري فأتى الرجل أمه فاستخبرها فقالت صدق، كنت أمة ليزيد بن المهلب، ثم صرت إلى أبيك.
حلم المفازة
المفازة: اسمها مستحب، وهي فوز من شدة إلى رخاء، ومن ضيق إلى سعة، ومن ذنب إلى توبة، ومن خسران إلى ربح، وٍ من مرض إلى صحة. ومن رأى أنّه في بر، فإنّه يناله فسحة وكرامة وفرحاً وسروراً، بقدر سعة البر والصحراء وخضرتها و زرعها.
حلم بئر الكنيف
بئر الكنيف: تدل على المطمورة وعلى المخزن وعلى الكيس لما فيها من العذرة الدالة على المال، فمن كنسها ورمى بما فيها من العذرة، باع ما عنده من السلع الكاسدة، أو بعث بماله في سفر، أو عامل به نسيئة إن كان ذلك شأنه إذا حمل فيها في الجرار، وإن صب في القناة أو وجدها لا شيء فيها ذهب ماله ودناه فقره، وإن كان فقيراً ذهب همه ونقصِ حزنه حزن الفقر لكنسها عند امتلائها في يقظته، وقد يدل على الدين، فإن كان مديوناً قضى دينه لأنّها حش. وأما من بال فيها لبناً أو عسلاً أتى دبراً حراماً إن كانت مجهولة، وإن كانت في داره صنع ذلك مع أهله.
حلم جامع المدينة
جامع المدينة: فدال على أهلها، وأعاليه رؤساؤها، وأسافله عامتها، وأساطينه أهل الذكر والقيام بالنفع في السلطان والعلم والعبادة والنسك، ومحرابه إمام الناس، ومنبره سلطانهم أو خطيبهم، وقناديليه أهل العلم والخير والجهاد والحراسة في الرباط، وأما حصره فأهل الخير والصلاح وكل من يجتمع إليه ويصلي فيه، وأما مأذنته فقاضي المدينة أو عالمها الذي يدعي الناس إليه، ويرضى بقوله ويقتضى بهديه ويصار إلى أوامره ويستجاب لدعوته ويؤمن على دعائه، وأما أبوابه فعمال وأمناء وأصحاب شرط، وكل من يدفع عن الناس ويحفظهم ويحفظ عليهم. فما أصاب شيئاً من هذه الأشياء، أو رأى فيه من صلاح أو فساد عاد تأويله على من يدل عليه خاصة أو عامة.
حلم خراب العمران
خراب العمران: من رأى الدنيا خربة من المزارع والمساكن ورأى نفسه في خراب مع حسن هيئة من لباس ومركب فإنّه في ضلالة. ومن رأى حيطان الدار انهدمت من سيل ماء فهو موت أهلها. فإن رأى الخراب في محلته فإنّه موت يقع هناك. ومن رأى أنّه وثب على بيته فهدمه فهو موت امرأته. ومن رأى أنّ بيته سقط عليه وكان هناك غبار فهوِ حصبة، وربما كان سقوط السقف عليه نكبة. ومن رأى خراباً عاد عمراناً صحيحاً فإنّ ذلك صلاح في دين صاحبه ورجوعه من الضلالة إلى الهدى. ومن رأى سقوط شيء من داره أو قصره أو بيته إلى داخل وكان له غائب قدم عليه، وإن كان عنده شيء يخطب إليه خطب من ابنة أو أخت أو غيرهما وإن هدمت الريح داراً فهو موت من في ذلك على يد سلطان جائر.
حلم عن الأرض وجبالها وترابها وبلادها
في الأرض وجبالها وترابها وبلادها وقراها ودورها وأبنيتها وقصورها وحصونها ومرافقها ومفاوزها وسرابها ورمالها وتلالها وحماماتها وأرحيتها وأسواقها وحوانيتها وسقوفها وأبوابها وطرقها وسجونها وبيعها وكنائسها وبيوت نيرانها ونواويسها وما أشبه ذلك أما الأرض، فتدل على الدنيا لمن ملكها، على قدر اتساعها وكبرها وضيقها وصغرها، وربما دلت الأرض على الدنيا، والسماء على الآخرة، لأنّ الدنيا أدنيت، والآخرة أخرت، سيما أنّ الجنة في السماء، وتدل الأرض المعروفة على المدينة التي هو فيها، وعلى أهلها وساكنها. وتدل على السفر، إذا كانت طريقاً مسلوكاً كالصحارى والبراري، وتدل على المرأة إذا كانت مما يدرك حدودها، ويرى أولها وآخرها. وتدل على الأمة والزوجة، لأنّها توطأ وتحرث وتبذر وتسقى، فتحمل وتلد وتضع نباتها إلى حين تمامها. وربما كانت الأرض أماً لأن خلقنا منها. فمن ملك أرضاً مجهولة، استغنى إن كان فقيراً، وتزوج إن كان عزباً، وولي إن كان عاملاً. وإن باع أرضاً أو خرج منها إلى غيرها، مات إن كان مريضاً سيما إن كانت الأرض التي انتقل إليها مجهولة، وافتقر إن كان موسراً، سيما إن كانت الأرض التي فارقها ذات عشب وكلأ، أو خرج من مذهب إلى مذهب، إن كان نظاراً. فإن خرج من أرض جدبة إلى أرض خصبة، انتقل من بدعة إلى سنة، وإن كان على خلاف ذلك، فالأمر على ضده، وإن رأى ذلك مؤمل السفر، فهو ما يلقاه في سفره، فإن رأى كأنّ الأرض انشقت فخرجٍ منها شاب، ظهرت بين أهلها عداوة، فإن خرج منها شيخ، سعد جدهم ونالوا خصباً، وإن رآها انشقت فلم يخرج منها شيء ولم يدخل فيها شيء، حدث في الأرض حادثة شر، فإن خرج منها سبع، دل على ظهور سلطان ظالم، فإن خرج حية، فهي عذاب باق في تلك الناحية. وإن انشقت الأرض بالنبات، نال أهلها خصباً، فإن رأى أنّه يحفر الأرض ويأكل منها، نال مالاً بمكر، لأنّ الحفر مكر، فإن رأى أرضاً تفطرت بالنبات وفي ظنه أنّه ملكه وفرح بذلك، دل على أنّه ينال ما يشتهي ويموت سريعاً، لقوله تعالى: " حتّى إذا فَرِحوا بما أوتوا أخَذْناهُم بَغْتَةً " . ومن تولى طي الأرض بيده، نال ملكاً، وقيل إن طيء الأرض أصاب ميراثاً. وضيق الأرض ضيق المعيشة. ومن كلمته الأرض بالخير، نال خيراً في الدين والدنيا، وكلامها المشتبه المجهول المعنى، مال من شبهة.
حلم مرافق الدار
مرافق الدار: المطبخ: طباخة. والمبرز: امرأة، فإن كان واسعاً نظيفاً غير ظاهر الرائحة، فإنّ امرأته حسنة المعاشرة، ونظافته صلاحها، وسعته طاعتها، وقلة نتنه حسن بنائها. وإن كان ضيقاً مملوءاً عذرة لا يجد صاحبه منه مكاناً يقعد فيه، فإنّها تكون ناشزة. وإن كانت رائحته منتنة فإنّها تكون سليطة وتشتهر بالسلاطة. وعمق بئرها تدبيرها وقيامها في أمورها. وإن نظر فيها فرأى فيها دماً فإنّه يأتي امرأته وهي حائض، فإن رأى بئرها قد امتلأت فإنّه تدبيرها ومنعها للرجل من النفقة الكبيرة مخافة التبذير، فإن رأى بيده خشبة يحرك بها في البئر، فإنّ في بيته امرأة مطلقة. فإن كانت البئر ممتلئة لا يخاف فورها، فإنّ امرأته حبلى. ومن رأى أنّه جعل في مستراح، فإنّه يمكر به، فإن أغلق عليه بابه، فإنّه يموت. وقد تقدم في ذكر الكنيف والمبرز في أول الباب ما فيه كفاية.
حلم نبش القبور
نبش القبور: فإنّ النباش يطلب مطلوباً خفياً مندرساً قديماً لأنّ العرب تسميه مختفياً إما في خير أو شر، فإن نبش فهو عالم ففيه نبش على مذهبه وإحياء ما اندرس من علمه، وكذلك قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن يفضي به نبشه إلى رمة بالية وخرق متمزقة أو تكسِر عظامه فإنه يخرج في علمه إلى بدعة وحادثة، وإن وجده حياً استخرج من قبره أمراً صالحاً وبلغ مراده من إحياء سنته وشرائعه على قدره ونحوه. وإن نبشِ قبر كافِر أو ذي بدعة أو أحد من أهل الذمة طلب مذهب أهل الضلالة أو عالج مالاً حراماً بالمكر والخديعة، وإن أفضى به النبش إلى جيفة منتنة أو حمأة أو عذرة كثيرة، كان ذلك أقوى في الدليل وأدل على الوصول إلى الفساد المطلوب. وأما من رأى ميتاً قد عاش فإنّ سنته تحيا في خير أو شر لرائيها، خاصة إن كان من أهل بيته أو رآه في داره، أو للناس كافة إن كان سلطاناً أو عالماً. وأما أكل الميت من دار فيها مريض، فدليل على هلاكه، وإلا ذهب لأهلها مال. وأما من ناداه الميت فإن كان مريضاً لحقه، وإن كان فقيهاً فقد وعظه وذكره فيما لا بد منه ليرجع عما هو فيه ويصلح ما هو عليه، وأما من ضربه ميت أو تلقاه بالعبوس والتهدد وترك السلام، فليحذر وليصلح ما قد خلفه عليه من وصية إن كانت إليه أو في أعمال نفسه وذنوبه فيما بينه وبين الله تعالى. وإن تلقاه بالبشر والشكر والسلام والمعانقة فقد بشره بضد حال الأول، وقد تقدم في ذكر باب الأموات ما فيه غنى. وأما الحمل فوق النعش: فمؤيد لما دل عليه الموت في الرؤيا، وقد يلي ولاية يقهر فيها الرقاب. وأما الدفن فمحقق لما دل عليه الموت، وربما كان بأساً لمن فسد دينه من الصلاح، وربما دل على طول إقامة المسافر وعلى النكاح وعلى العروس ودخول البيت في الكلة مع العروس من الاغتسال ولبس البياض ومس الطيب، ثم يزوره إخوانه في أسبوعه. وربما دل على السجن لمن يتوقعه، فإن وسع عليه ونوم نومة عروس كان ما يدل عليه خير أكله وحسنت فيه عقباه وكثرت دنياه، وإن كان على خلاف ذلك ساءت حالته وكانت معيشته ضنكاً. وكان ابن سيرين يقول: " أحب أن آخذ من الميت وأكره أن أعطيه " . وقال: إذا أخذ منك الميت فهو شيء يموت. ومن مات ولم ير هناك هيئة الأموات فإنّه انهدام داره أو شيء منها، وإذا رأى الحي أنّه يحفر لنفسه قبراً بنى داراً في ذلك البلد أو تلك المحلة وثوى فيها، ومن دفن في قبر وهو حي حبس وضيق عليه، وإن رأى ميتاً عانقه وخالطه كان ذلك طول حياة الحي، وإن رأى الميت نائماً كان ذلك راحته.