سالم محبوب اسماعيل مشرف اقسام مجلس الروحانيين
عدد المساهمات : 560 العمر : 63
| موضوع: التحصينات الداخلية والخارجية الثلاثاء أغسطس 16, 2016 4:31 am | |
| 08.16.2016 13:25:03
التحصينات الداخلية والخارجية
كما أن الجن يتلبسون بجسد الإنس، فكذلك هم قادرون على تلبس أجساد بعضهم بعضا، فنجد أن أجساد سحرة الجن مكدسة بالخدام والأعوان، وهذا يخدم مصالح عديدة تخصهم، أهمها توفير الحصانة والحماية لهم. فعالم الشياطين لا يحكمه قانون ولا شريعة، إلا شريعة الغاب، فيستطيل سحرة الجن على بعضهم البعض، والبقاء للأقوى، فلا مكان للضعيف بينهم أبدا. لذلك فكل شيطان ساحر معرض لهجمات مضادة من كل من حوله من سحرة الجن، فالأقوى من يستطيع أن يخضع أكبر كم من السحرة تحت سلطانه، ليخضعهم له، فيصبحوا بكل قواهم رهن إشارته، وطوع أمره، وبهذا يزداد الساحر قوة فوق قوته. وتحت وطأة هذه الضغوط يضطر كل شيطان إلى دعم قدراته الدفاعية، وزيادة حصانته منعة، وتأمين أكبر كم من التدريعات التي تكفل له صد أي محاولات اعتداء عليه.
مع إنظار كثير من الجن، ومع أعمارهم المديدة، فإن سحرة الجن بحاجة إلى تأمين أنفسهم بشكل دائم، وتجديد تحصيناتهم وتدريعاتهم أولا بأول. فقوة الساحر ليست في شخصه كفرد، وإنما قوته في مجموع ما يقع تحت سلطانه من خدام وأعوان، لذلك يحرص على أسر أكبر عدد من الجن، سواء جن مسلم أم كافر، فيخضعهم بالسحر لسلطانه وقوته، ويسيرهم حسب مصالحه الشحصية. وتنقسم قوة كل شيطان ساحرإلى (قوة سحرية داخلية) داخل جسده، و(قوة سحرية خارجية)، خارج جسده، وهذا ليس قاصرا على سحرة الجن فقط، بل يشمل كذلك سحرة الإنس، وهذا ما يجب أن يضعه المعالج في حساباته عندما يحاول حبس ساحر ووقفه عن السحر، فلا يمكن القضاء على ساحر ما لم يتم التخلص أولا من كل القوى الداعمة له، فيحبس الساحر عن ممارسة السحر بسبب فقده كل قواه السحرية تدريجيا، وهذا يستغرق زمنا بحسب الكم الذي يمتكله من أسحار، وتبعا لقوة أسحاره، وهذه الحرب تدور بين طرفين (الساحر)، و(المعالج)، أما دور (المريض) هنا فهو الوسيط المتسلط عليه الساحر.
القوة السحرية الداخلية: دائما وأبدا ما يتحصن سحرة الجن من داخل أجسادهم، بأسحار تدعم بنيتهم الجسمانية من الداخل، وتلك القوة الجسمانية الهائلة تتيح لهم قدرات هجومية على المسحور له، وتظهر هذه الهجمات بوضوح في جلسات العلاج لإفشالها. فالجن يستطيعون تغيير أحجامهم، ما بين الضخامة المفرطة، إلى الصغر المتناهي، وهذا من خصائص خلقهم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يقولَنَّ أحدُكم: لعن اللهُ الشيطانَ، فإنه إذا سمعها تعاظَم حتى يصيرَ كالجبلِ. وليقلْ: أعوذُ باللهِ من الشيطانِ الرجيمِ، فإنه إذا قالها تضاءلَ وتصاغر). وهذا التغير في الحجم على حقيقته لا على المجاز لقوله تعالى: (مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ) [الناس: 4]. وفي لسان العرب: “الخُنُوس: الانقباضُ والاستخفاء”. () وقدرتهم على تغيير أحجامهم تساعدهم على اختراق جسم الإنسان، بل واتراق أجسام بعضهم بعضا، والتحرك داخلها. وهذه الخاصية يستفيد منها سحرة الجن في تحصين أجسادهم، بحشد أكبر كمية من الخدام والأعوان داخل أجسادهم.
وهذه الأسحار الداخلية تمنحهم قدرة على تحمل الضغوط التي قد يتعرضون لها، خاصة عند قيام المعالج بمهاجمتهم بالرقية، فنجد أنه لا يظهر عليهم علامات التأثر، بل على العكس من ذلك؛ نجد علامات السخرية واللامبالاة تبدو على خادم السحر حين حضوره على جسم المريض، مما يصيب المريض قبل المعالج بالإحباط، والإحساس بالفشل يفقد المريض الثقة في المعالج، وهذا هو هدف الشيطان ليتخلص من المعالج ويزيحه من طريقه. وهذا أمر طبيعي جدا في بداية العلاج، فلا يجب أن يقلقنا بتاتا، إنما هذا يلزمنا بمراجعة خطة العلاج، لاكتشاف سبب ردود الفعل السلبية تلك.
ما سبق وذكرته معناه وجود (أسحار تحصين) يتحصن بها الساحر من تأثير الرقية النازل عليه، وهذا لا يعني أن الدعاء لم يصيب هدفه، بل على العكس تماما، الدعاء يصيب هدفه تماما، لكن تأثير الدعاء رغم قوته يتبدد أمام قوة التحصينات، وبقدر كثافتها كمًا وكيفًا، وحينها ليس أمام المعالج إلا أن يدعو إلى ما شاء الله للتخلص من هذا الكم الغزير من أسحارا التحصين، وهذا معناه استنزاف وقت طويل جدا، وإهدار جهد يمكن توفيره لعلاج مريض آخر، وهذا يستهلك ميزانية المريض، في مقابل فترة علاج طويلة، لا يعلم مداها إلا الله عز وجل. لذلك ففي مثل هذه الحالات لا يكفي الدعاء التقليدي ليصيب هدفه ونتخلص من الساحر، بل يجب على المعالج قبل أن يدعو على الشيطان ليتخلص منه، أن يتخلص أولا من أسحار التحصين، وبذلك تضعف حصانة الساحر، ويصير مهيئا لتأثير الدعوات عليه.
الساحر يعلم مسبقا أن المريض سيدرك إصابته بالسحر، وسوف يلجأ عاجلا أم آجلا للبحث عن حلول لمشكلاته، وحتى إن لم يذهب المريض إلى معالج، فليس أقل من أنه سيلجأ أولا لله تعالى بالدعاء أن يفك كربه، والله عز وجل وعد أن يستجيب فقال: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) [غافر: 60]. فالشيطان يعلم ذلك مسبقا، فأعد نفسه لتلقي إجابة الدعاء، بالتحصينات الداخلية، والتدريعات الخارجية، فلا يظهر عليه أي تأثير أو ضعف.
تكمن التحصينات الداخلية فيما يتلبس جسد الساحر من قرائن المعاصي، وخدام وأعوان يدعمون بنيته الجسدية من الداخل، فيزداد سمعه وبصره حدة، بل إن لم يكن من الجن الطيار، أمكنهم حمله والطيران به حيث يشاء بين الكواكب والمجرات، وبأسرع من لمح البصر، أو يغوصون به في البحار والمحيطات، ويستطيع بواسطتهم أن يظهر ويختفي، وإن تعرض للقتل كانوا فداءا له، فيقتل من أقرانه من يقتل، ويحسب القاتل أن المقرون هو من قتل، وهذا يلاحظه المرضى في الجلسات، فيرون الشيطان يقتل ألف مرة، وفي كل مرة يعود إلى الحياة مرة أخرى بعد أن سفك دمه، أو قطع رأسه وانفصل عن جسده تماما، فهذا معناه أنه شيطان ساحر.
سالم محبوب اسماعيل مشرف اقسام مجلس الروحانيين
| |
|